سؤال دائما يطرح .. كيف أبتعد عن العصبية ؟؟؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
العصبية أو التوتر ترتبط بانفعالات كثيرة، كالخوف والغضب وغيرها، كما أنها ترتبط بضغوط الحياة المختلفة، ولكن كثيراً ما يستخدم هذا المصطلح " أنا عصبي" للتعبير عن سرعة الغضب..
لقد زود الخالق -سبحانه وتعالى- الإنسان بمجموعة من الانفعالات التي تساعده في حياته، وتؤدي له وظائف مختلفة، والغضب من الانفعالات الرئيسية التي تساعد الإنسان على الحفاظ على كيانه النفسي، ولكن إذا خرج هذا الانفعال عن سياسة العقل وسيطرته، وأصبح نمطاً يتكرر، وميلاً إلى الصراخ في الناس واستخدام كلمات العنف، وعدم القدرة على التعامل مع المواقف الصعبة بدون غضب، أدى إلى نتائج سلبية ومؤثرة على حياة الإنسان وعلاقاته الاجتماعية والمهنية والأسرية، وعلى صحته النفسية والجسمية، وقد أوضحت بعض الدراسات ارتباط الغضب بالحالة الصحية للفرد، وما يعانيه من أمراض، وبخاصة أمراض القلب والجهاز الدوري، فالغضب إما أن يساعدنا أو يؤذينا ويؤذي الآخرين.
وقد اهتم الإسلام بهذا الانفعال ووجَّه إلى ضبطه والتغلب عليه، وجعل ذلك من صفات المؤمنين، ومؤشر للقوة والتماسك، قال تعالى: "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس"[آل عمران: 134]، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"صحيح البخاري(6114)، وصحيح مسلم(2609)، وقد جاء رجل إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقال أوصني يا رسول الله، فقال له: "لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب" أخرجه البخاري(6116) وغيره من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-.
ولعل أهم شيء أن نتعلم كيف نسيطر على الغضب قبل أن يسيطر علينا، وأول خطوة هي إدراك ما للغضب من آثار سلبية مدمرة، وفوق كل شيء تذكر عظمة الله -سبحانه وتعالى- وقدرته عليك، ومعرفة المثيرات والمواقف التي تستثير الغضب، وإدراك التغيرات الداخلية التي تشير إلى أن الغضب سوف يحدث، وجعلها منطلقاً للتحكم في الغضب.
تجنب مثيرات الغضب، واتخذ الإجراءات المناسبة للسيطرة على غضبك عندما تشعر بالتغيرات الداخلية، وعلامات بداية الغضب، ومن تلك الإجراءات:
·الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، ومن ذلك ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إني أعلم كلمة لو قالها لزال عنه الغضب" أخرجه أحمد(21581) من حديث معاذ بن جبل –رضي الله عنه-.
· الحركة وتغيير وضع الجسم، فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-" إن الغضب جمرة توقد في القلب، ألم تروا إلى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه، فإذا وجد أحدكم شيئاً من ذلك فإن كان قائماً فليجلس وإن كان جالساً فلينم" أخرجه أحمد(10759، 1193) من حديث أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه-.
· الوضوء، واستخدام الماء، فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ" أخرجه أبو داود(4784)، وأحمد(17524) من حديث محمد بن عروة عن أبيه عن جده عطية وكان له صحبة.
· ركز على السلوك الذي يزعجك وليس على الأشخاص، فالنقد، والتجريح، والسخرية، والاستهزاء، والاعتداء، لا تحل المشكلة بل تزيدها تعقيداً، وتجعل الشخص الآخر في موقف الدفاع.
· تعلم مهارات الاتصال، تعلم كيف تستمع للآخرين، وكيف تعبر عن مشاعرك وأفكارك بطريقة تظهر للآخرين فيها الاحترام.
· ذكِّر نفسك دائما بأن العصبية والغضب لا تحل أي شيء، ولن تجعلك تشعر أفضل، بل ربما تخلق لديك مشاعر سيئة، واستفد في ذلك من الخبرات الماضية.
· كن واقعياً في توقعاتك وفي مطالبك، وتأكد أن الحياة لا تصفو في كل شيء.
· اسأل الآخرين الذين لا يغضبون مثلك، واستفد من أفكارهم.
وإذا لم نستطع كظم غضبنا والسيطرة عليه، فلنتعلم كيف نعبر عنه بطريقة سليمة ومناسبة دون أذى للآخرين أو لأنفسنا.
أما العصبية الشديدة في التعامل مع الأبناء فهي أحد أعراض مرض القلق وهو أحد الأمراض النفسية الشائعة على مستوى العالم.
ومن أعراض هذا المرض الإحساس الشديد بالتوتر وكثرة العصبية وسرعة النرفزة مع قلة أو صعوبة في النوم .. وفي بعض الحالات يكون هناك رعشة في الأطراف وسرعة في نبضات القلب وتعرق شديد ونوبات إسهال.
وقد يصاحب ذلك ضعف في التركيز وعدم تحمل للضوضاء والإزعاج ومخاوف من المستقبل وأحياناً الخوف من الموت.
ومرض القلق هو من الأمراض النفسية القابلة للشفاء بإذن الله وطريقة العلاج تنقسم إلى طريقتين يمكن استخدام أحدهما أو كلاهما في وقت واحد .
الطريقة الأولى هي العلاج بالعقاقير المضادة للقلق وهي أدوية مفيدة جداً ولا تسبب أي نوع من الإدمان كما يظن بعض الناس .
والطريقة الأخرى هي استخدام العلاج السلوكي مثل جلسات الاسترخاء وجلسات التغذية الارتجاعية .
لا ترددي أختي الفاضلة في عرض نفسك لأقرب طبيب نفسي وأود أن أذكر هنا بأن كثرة الصلاة وقراءة القرآن من أفضل الوسائل لبعث الطمأنينة في النفس والتخلص من القلق .. قال تعالى ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) وقال صلى الله عليه وسلم : " أرحنا بالصلاة يا بلال ".